من الذى يحبها ؟؟؟!!!

من الذى يحب فاطمة؟؟؟؟

من هو الذى تحبه فاطمة ؟كيف يكون شكله ووصفه؟وأين عثرت عليه؟ كل الألسنة تسأل ...كيف فعلتها ؟..كيف جرأت على ذلك؟...فاطمة تحب !! هذا آخر ما يتخيله أحد.

كل هذه الاسئلة وعشرات من نوعها شغلت أذهان أفراد الاسرة دون أن يعثر أحدهم على ما يدل عليه ...ذلك الذى شغل بالها....واستحوذ على قلبها...وانبرى الجميع للبحث عن الدليل الذى يدين فاطمة حتى تثبت عليها البينة وتنال العقاب الشديد.





فجأة وبدون مقدمات أصبحت فاطمة حديث الساعة ..بعد أن كانت ترسا يغيب فى علبة صفيحية ..يدور دون هوادة ليحرك الساعة ..لم يكن يذكرها أحد أبدا الا فى طلب أوامر ..لم يكن اسم فاطمة يشكل أى نوع من إثارة الانتباه فى البيت ..حتى عندما تغلفه شتائم متتالية ..فسبعة من الرجال هم أخواتها وثامنهم أبوهم ..كلهم يحتاجون الى طعام وكساء نظيف وفرشة مريحة ...وشاى وقهوة وحاجة ساقعة علشان الضيوف : أين القميص يافاطمة؟ .. الأكل يافاطمة ..اغسلي يافاطمة ..امسحي يافاطمة ..يافاطمة ياغبية أين الملح ؟...يافاطمة يافاطمة يافاطمة ..

حاضر ...حاضر... حاضر...

خلية النحل لاتقوم أبدا على نحلة واحدة ..إلا أن أسرة فاطمة حققت المعجزة ..الباب لايكل كل دقيقة , ينفتح ليخرج واحد ..ويغلق لدخول آخر ..وكل من يريد الخروج له طلبات وكل من دخل له خدمات... وفاطمة الاخت الكبرى ..تحملت بعد وفاة أمها كل الثقل لم تعترض مرة..لم ترفض مرة .. لم تقصر مرة ..لم تخرج مرة. بل وطنت نفسها على الشقاء حفظت فى عقلها ..المواعيد ..الطلبات ..الرغبات..حتى المزاجات والأهواء.. عقلها أصبح لايفكر ..جسدها يقوم ويقعد . ينحني وينثني ..يرتفع وينخفض ..يغسل ويطوي ..يكوي ويعلق ..ولكنها مرة واحدة ..مرة واحدة فقط لم تفكر من هى فاطمة؟؟

والآن فقط تنبه لها الجميع ..أحسو أن هناك فتاة فى البيت الكبير ..فتاة تحب أن يكون لها وجود فى عقولهم على الأقل ..لكن هذا الانتباه لم يكرس لها..بل عليها بعد مافعلته معهم.. راح كل واحد يفكر.. كيف يعاقب فاطمة؟؟

ذات ليلة كان فيها القمر أنيسَ العشاق وسميرَ المصبوبين... وبعد أن ارتفع شخير الذكور ...أمسكت القلم ورسمت...قلب هذه المدحورة مفعم بالحب ..كانت أناملها ترتعش وهى تكتب إليه... تسأله تعجيل موعد اللقاء تسأله تعجيل موعد اللقاء القادم..ولأول مرة تنام وينسيها التعب أن تخبئها.

اهتز البيت كله فى مساء اليوم التالى ..عثر الاخ الاكبر على الرسالة..سألها عن سرها فلم تجب ...:من هو؟؟

انطقي

_....................

منذ متى وانت تعرفينه؟

_......................

أين تتقابلان ؟

_....................

مجرمة

صفعة شديدة ..هى أول الغيث..حيث انهمر سيل من الصفعات والركلات..انقطع لسان فاطمة من ضربة أبيها الشديدة..سال الدم ..جرت الى الحمام..غسلت فمها...الجرح فى اللسان صغير لكنه اخرسها

انطقي..

_.................

لن ندعك حتى نعرفه.......... سنحضره أمامك..سنقتله هنا.

العيون تمتلىء غضبا ..الدماء تفور وتغلي ..انطلقت منهم الى فراشها تبكي ..اجتمعوا بعدها فى حجرة الضيوف:

- هذا ذنبكم ..لم يلتفت إليها أحد... تركتموها تمشي كما تشاء

- ماذا كنا نفعل يا أبى أمام خبث النساء ؟

- هذا الشخص يجب أن نعرفه

- لن يفل الحديد الا الحديد.....

- ستموت فى أيديكم يارجال ...

- الموت ولا العار ...ألم تقرأ....ألم تقرأ كيف أنها تتعجل لقاء حبيب القلب؟

- لدي اقتراح... لن يخرج سرها الا امرأة .......

- استدعوا خالتها.



وفى الصباح أتت الخالة تجري لاهفة ...... فلما رأتها ثارت فى وجوههم :

- أيها الوحوش ....ماذا فعلتم بها ؟

- اقرئي يا خالتى

- ما هذا !! فاطمة لاتفعلها

- ألم تقرأى ؟؟ هذا هو خطها ..

- متى ؟ ..وأين ؟ ومن يكون؟

- الله أعلم ...لهذا استدعيناك.....ادخلي لها واعرفى من يكون

- لا ...لا يكون...... أنا لاأصدق على فاطمة ما يشين ...قولوا لي أيها الرجال الثمانية ...كم فكرتم مرة فى فاطمة ؟؟ ثم متى تفعلها وأنتم تستعبدونها بالليل والنهار ؟ والله ...والله لو حتى فعلتها ...فلا تلومُنَّ إلا أنفسكم .. ودوام الضغط يولد الانفجار.





وكما أتت الخالة مشت ...ولم يعرف أحد من هو الذى أحبته فاطمة ..وباتت فى فراشها لا حراك لها..وقام كل واحد من الثمانية يخدم نفسه . فاضطرب حال البيت ...فكل شىء مكانه عندها ...وكل أمر يحتاج رأيها ... وبدأوا يلفون حول أنفسهم فما عاد أحد يأكل طعاما فى ميعاده.. وما عاد يغسل قميصا ولا سروالا ...فتعطلت الحياة وعرف كل واحد..ماذا كانت تعنى فاطمة..البيت الذى كان يدور كالساعة توقفت عقاربه...وعلا فيه الصياح وزاد العراك.....ونشبت صراعات حادة...

-توقفوا .....

- من سيخدمنا؟؟

- يوم واحد بدون فاطمة كشف المسألة.

- ماذا تعني ؟؟

- إنها الانانية ...كلكم لايفكر الا فى نفسه ...ونسي كيف كان حمل وثقل الآخرين على أختنا الوحيدة.. اليوم اتضح الامر

-كل ذلك لايبرئها من ذنبها.

- كفاكم قسوة..... قد تكونون ظالمين.....

- كيف؟ ألم تقرأ ؟

- ورقة واحدة ...ليست دليلا كافيا....قد تكون مجرد خواطر تنفث فيها تعبـَـها

- كلامه سليم.

- لا..هناك شىء لم نفعله... نفتش أغراضها ...سنجد الدليل حتما



وفى عمق الليل دخلوا غرفتها يتلصصون ...كانت فى فراشها لا تشعر بهم ... ولا يشعرون بها.. تقدمت الأيدي الى الادراج .. فتحت , نقبت ..دخلت الأنوف بين الملابس ...تصفحت الأنامل الاوراق والمظاريف ...تبادلت العيون نظرات الريبة فى وردات قديمة باتت بين صفحات كتاب ...ولكن حتى الان لايوجد دليل .

امتدت يد مرتعشة تحت وسادتها...والعيون تنظر فى ترقب وشغف .. قبضت الكف الحائرة على رزمة ورقية .. وابتسمت بقية الاكف وهى تتناول الدليل بكل شماتة وتشفٍ ....صاح الأب :

- أضيئوا نور الغرفة .لنقرأ على رأسها دليل مكرها .

ونهشت الأيدي أوراق الرزمة ...وجرت العيون على السطور ثم ما لبثت أن تبدلت ابتسامة الظفر بتهجم شديد:

- ما هذا ؟ليست رسالات غرامية .

- لا...بل هى رسالات حب ...حب ولكنه من نوع آخر.... حب لم يعرفه أحدنا ....

- اقرأوا...انها تكتب شعرا...انها رسالة إلى الله ...

- الله؟!!!

- نعم...كل الحب لم يكن إلا لله؟

- إليه كتبت تطلب وتتعجل اللقاء ؟؟

- نعم .

صرخوا جميعا فى صوت واحد وهم يلقون بأنفسهم على فراشها .

- فاطمة ....فاطمة .

لكن حبيبها قد لبى طلبها .