ReMaS يا رب إن لم يكن بك علي غضب فلا ابالي..
عدد المساهمات : 1762 تاريخ الميلاد : 18/05/1992 العمر : 32 الإقامة : فلسطين الحبيبة البلد : الأوسمة : نقاط : 30490 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 06/06/2008
الورقة الشخصية ريماس: 1
| موضوع: فعل الحرية في كينونة الإبداع الإثنين يونيو 30, 2008 3:56 pm | |
| الحرية – مفهوما مطلقا – لاوجود لها إلا في الذهن . أما في الواقع فلا توجد إلا حريات نسبية . (*) لأن نقيضها " الضرورة " مصاحبا لها دائما ، من أحط حالات الجسم إلى أسمى سبحات الروح . وقديما تصور اليونان أن الضرورة ( أنانكي ) قانون لا يفلت من سلطانه حتى الآلهة !
والانتقال إلى الحديث عن الحرية بوصفها فعلاً من الأفعال التي تعبر عن أنطولوجيا الإنسان " فالحرية ظاهرة ، أو واقعة ، أو حالة ، بل هي فعل " (1) وهي بهذا تشترك مع الإبداع في كونها فعلاً أيضاً ، ينتقل من الإمكانية إلى الوجود . و إذا كان الإبداع فعلاً للتحرر يعبر عن نفسه من خلال الصراع التركيبي بين المبدع و ذاته و مجتمعه ، و أداته ، فهذا هو جوهر الحرية . و لذلك فإن تعريف الحرية تعريفاً نظرياً يفترض وجود انفصال بين الموجود العارف ، والموضوع الذي نريد أن نعرّفه (2) ، في حين أن الحرية لا يمكن أن تدرك إلى في صميم الفعل الذي تمارس به وجودها . و هناك إحالة متبادلة بين الحرية و الإبداع ؛ فالحرية بمعناها العميق – الأنطولوجي هي إبداع الإنسان لنفسه ، وتحقيق ذاته الكلية من خلال الفعل . والإبداع هو فعل التحرر ذاته ، الذي يتجسد بين الإنسان والوسائط التي يفعل من خلالها . والحرية بهذا المعنى شرط " أولى " للإبداع ، كما أن الإبداع شرط لكي تصبح أفعالنا ذات طابع حر . و هذه العلاقة بين الإبداع والحرية تعبر عن نفسها في " الحداثة " بالمفهوم الفلسفي الذي يجاوز " صورة الحياة " السائدة التي تكرسها أدوات الاتصال في المجتمع .
ويتناول الفكر المعاصر قضية " الحرية " من خلال " التاريخ " ، على أساس أن التاريخ يجسد أفعال الإنسانية في سعيها نحو التحقق . والصورة الأولى للحرية التي اقترنت بها في التاريخ ، هي الحرية بالمفهوم السياسي ، حيث استشعر الإنسان أنّ النظم الاقتصادية والسياسية تحدّ من أفعاله . ولو رجعنا إلى القرون الأربعة الأخيرة في الفكر الغربي ، لوجدنا أن الحرية كانت نتيجة للمطالبة بالتحرر من سلطة الدولة والكنيسة ، ذلك أن الدولة والكنيسة تدخلتا في كل مظهر من مظاهر الحياة ؛ في العقيدة ، وفي السلوك اليومي على حد سواء ، وامتد نفوذهما إلى العلم والفن وأشكال الحياة المختلفة . وبدأت تثار علاقة السلطة بالحرية ؛ فالسلطة تعمل على ثبات النظم الاجتماعية ، بينما حرية الفرد تعمل على تغيير هذه النظم . وإذا كان الإنسان في الغرب ظفر بالتحرر من سلطان الدولة وسلطة الكنيسة ، فقد بات عليه مواجهة " عقل جمعي في الدين والعلم " ، يعبر عن نفسه في تنظيم أشكال السلطة المختلفة في المجتمع ، هذا العقل الجمعي يرسخ ثقافة ما ، تحد حرية الفرد في الانفلات من أسر هذه الثقافة التي تتجسد في صورة الحياة التي يصدرها المجتمع للفرد من خلال أدوات الاتصال .
وقد ارتبط معنى الحرية - في هذا الإطار التاريخي – بالسعي نحو القوة ، لامتلاك قوة العلم وللسيطرة على الطبيعة . والحرية بهذا المعنى ليست مجرد فكرة أو مبدأ مجرداً ، بل قوة مؤثرة في خلق أعمال معينة ، بمعنى أنها توزيع للقوى الاجتماعية ، فالحرية ليست أمراً فردياً ، وإنما هي مسألة اجتماعية ، ولها مظاهرها السياسية والاقتصادية والتربوية والنفسية والخلقية (3) ، ولذلك كان ارتباط الحرية بالضرورة (4) . والضرورة - هنا - تعني أن الحرية تتحرك في حدود الممكن ، أي في حدود القدرة الذاتية على العمل وفقاً لمقتضيات العقل . وقد ظهر هذا واضحاً في معالجة كل من اسبينوزا ( 1677 ) ، وهيجل ( 1831 ) للحرية .
أما نيتشه ودلتاى واشبنجلر فأنهم يربطون الحرية بفكرة المصير (5) ، فالوعي بالمصير " ضرورة وجودية " لأنه مرتبط بالحرية ، فالحرية لا تطابق المعقول ، بل أن الوعي بالمصير يجعل الإنسان / المبدع يطمح لتحقيق ما يبدو مستحيلاً ولا معقولاً . فللحرية حدود هي بعينها شروطها . وهذه الحدود تمثل درجات مختلفة من الضرورة فالشاعر لابد أن يعرف قوانين اللغة التي يكتب بها ، ليدرك أبعاد صراعه مع الضرورة ، وهذه عقبة لابد للإرادة أن تصطدم بها حتى تقف على معنى حريتها . ولكي نحقق الحرية لابد أن نعي أنّ الضرورة مرتبطة بالزمان ؛ فالحرية الإنسانية ليست حرية مطلقة ، بل تمر بمرحلة من الصراع والتناقض ، حتى تصل إلى مرحلة الوجود الضروري ، التي فيها يصبح اختيارها لذاتها مجرد تعبيرا زمنيا عن حقيقتها الأزلية . وفكرة الوعي بالمصير والوعي الكلي ليستا سوى تعبير فلسفي عن تلك الضرورة الوجودية في صميم الإبداع لا ينفصل عن الحرية . أما الوعي بالمصير فهو ذلك الموقف الذي يجد الفنان نفسه فيه ، فلا يمكن أن يتصور أن يوجد في عالم آخر أو يكون موجوداً آخر ، ولذلك تستحيل الإرادة إلى " مصير " ، من خلال الأفعال التي تقود الفنان إلى الوجود ، وتتولد لديه الضرورة الخاصة في مقابل الضرورة العامة حيث تفرض الأولى شروطها عليه ، لكي يكون حراً ، فالفنان يكبل نفسه بقيود هي شروطه الخاصة ، لكي يقاوم الشروط العامة التي تفرض عليه من الخارج . ونجد هذه الفكرة بشكل واضح عند هيجل إذ يقرر أن الحرية المطلقة سلبٌ محض ، بمعنى أنها عدم وموت . والحرية تعبر عن نفسها في جدل الإثبات والنفي ، وهذا يعني أن الحرية في الإبداع ليست تعني التلقائية والعفوية ، وإنما يقوم الوعي بدور خلاق في تقديم مقاصد الفنان . وفكرة الوعي الكلي وفكرة المصير . تجعلان الفنان يتجاوز ذاته الضيقة ليعبر عن مجتمعه ، و يستشرف صوراً جديدة ، في التفكير والسلوك والحياة . فالحرية تقوم على المعرفة ، لأن الجهل لا ينتج عن حرية ، فالفنان الذي يجهل تاريخ أمته لا يتكون لديه وعي بمصيرها ، وكذلك الذي يجهل قوانين المادة التي يستخدمها في الإبداع ، لا يستطيع أن يسيطر ومن ثم لا يستطيع أن يكتسب حريته ، وحين قال هيجل : " إن الحرية معرفة الضرورة ، فأنه كان يقصد أن عملية خلق الفعل الحر تقوم على هذه المعرفة . أما الماركسية فقد أكدّت على هذا المعنى ، فالحرية ليست خدمة قوانين الطبيعة ، وإنما هي معرفة تلك القوانين والاستفادة منها في تحقيق أفعالنا . والحرية هي تلك الإمكانية – المتولدة عن المعرفة – التي يمكن بمقتضاها أن نجعل معرفتنا بقوانين الطبيعة فعالة ومثمرة ، وبالتالي فهي مسألة اجتماعية واقعية تخص الحياة العينية للإنسان بوصفها دراما حية تنشأ بين الفرد والعالم المحيط به . والإنسان الأول لم يكن يتميز عن الحيوان ، ولم تتحقق له سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة ، وبالتالي فأن حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها . وكل خطوة في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرر الإنسان .
الحرية إذن معرفةُ وسيطرة ، وعلى الإنسان القيام بعملية إبداعية مستمرة ، هي عملية التحرر . ولن يبلغ الإنسان مرحلة الوعي والحرية إلا إذا عمل على إضفاء الطابع الإنساني على الطبيعة ، عن طريق السيطرة عليها . والحرية بهذا المعنى تقوم على فهم " المجال " الذي تتحرك فيه ، فهي لا توجد إلا في مواقف أو ظروف معينة . وهذه المواقف هي الشروط التي تعين تلك الحرية على ممارسة نشاطها وتحديد اتجاهها . والحرية الواقعية هي تلك التي تتحقق نوعاً من التبادل بين الذات والعالم . والحرية تعبير عن طبيعة هذه العلاقة التي تقوم بين الذات والعالم لأنها تستند إلى العالم وتنبثق منه ، وهي لا تعرف الانفصال المطلق ، بل تحدد في اندماجها في الأشياء والعالم . والحرية تلاقٍ وانتقال وتبادل بين الداخل والخارج ، وحوار متصل مع الأشياء والآخرين (6) . فالفعل الحر يتضمن قبولنا ومشاركتنا فيه ، وهذه المشاركة تعمل على نفي الواقع وانتقاله إلى حالة أخرى (**) ، فالاستقلال النسبي يفرض على الذات تجاوز الحرية السلبية المتمثلة في رفض الواقع إلى الحرية الإيجابية بالمفهوم الإبداعي الذي يحقق صورة جديدة للواقع ، وهذا يتسم بالانفتاح على الماضي عن طريق اكتشاف ما تنطوي عليه الذات من إمكانيات ، لكي تقدم صورة للحياة في المستقبل تحقق تحررها في بناء قيمي .
| |
|
الأسيف أستغفر لله العظيم من كل ذنب عظيم ..
عدد المساهمات : 672 الإقامة : تونس البلد : الأوسمة : نقاط : 30261 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| |
ReMaS يا رب إن لم يكن بك علي غضب فلا ابالي..
عدد المساهمات : 1762 تاريخ الميلاد : 18/05/1992 العمر : 32 الإقامة : فلسطين الحبيبة البلد : الأوسمة : نقاط : 30490 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 06/06/2008
الورقة الشخصية ريماس: 1
| موضوع: رد: فعل الحرية في كينونة الإبداع الثلاثاء يوليو 01, 2008 2:26 am | |
| العفو منك أخي الأسيف وشكرا على المعلومات التي تعطينا اياها كل مرة وبارك الله فيك وجزاك خيرا | |
|
الأسيف أستغفر لله العظيم من كل ذنب عظيم ..
عدد المساهمات : 672 الإقامة : تونس البلد : الأوسمة : نقاط : 30261 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| |